القوة المالية للجزائر تبحث عن مستثمرين
الاقتصاد الجزائري على قدم وساق ويبحث البلد عن شركات أوروبية للتعاون معها في مجال الأعمال التجارية لتعزيز النمو.
7 اكتوبر 2014
MADRID
ايرينيه لوبيز
كدولة مرتبطة تقليدياً بموارد الطاقة مثل الغاز، تطمح الأن الجزائر لتذهب أبعد من تصدير هذه المواد وتسعى إلى أن تصبح وجهة للاستثمارات الأجنبية. قربها من إسبانيا، يجعل بلدنا هي واحدة من المناطق التي تسعى الحكومة الجزائرية لتعزيز العلاقات التجارية معها. وأوضح هذا سفيرها لدى إسبانيا، محمد حنيش، خلال اجتماع الخبراء الذي نظمته CincoDías، في حفل إفطار أقيم برعاية شركة الخدمات اللوجستية دي إتش إل إكسبرس. جنبا إلى جنب مع حنيش حضر الحفل ممثلي قطاع الأعمال والمؤسسات مثل البيت العربي وأتيحت لهم الفرصة لمناقشة الإمكانيات والصعوبات التي تواجه المنظمات الإسبانية، وخاصة الشركات الصغيرة والمتوسطة التي تهبط للعمل في هذه الدولة العربية.
وأكد السفير أن "بالنسبة للجزائر المحور المركزي الذي يؤسس للتعاون مع البلدان الأخرى يكمن في الاتحاد الأوروبي". كما أوضح أن إسبانيا قد يكون لها دور بارز في هذه العلاقات التي تريد الحكومة تكثيفها مع جيرانها.
في الوقت الحاضر هناك حوالي 300 شركة إسبانية تعمل في الجزائر، شركات ذات ثقل كبير في قطاع البناء والتشييد. الصادرات الاسبانية التي تصل إلى الجزائر تتمتع بأهمية كبيرة، وبصفة خاصة المنتجات الصناعية. وعلى الرغم من ذلك، فإن التحدي الأكبر للجزائر هو جذب الشركات الصغيرة، والتي غالبا ما تتعثر بمزيد من الحواجز أكثر من الشركات الكبيرة. وقال حنيش "صحيح أن الشركات الإسبانية تفضل العمل في الاسواق الوطنية أو الأوروبية، ولكني أعتقد أن مخاوفهم مبالغ فيها من حيث العمل في الجزائر".
"عندما تقرر شركات المقاولات الصغيرة الخروج إلى العالمية إلى بلاد ما على الرغم من قربها، تكون الأمور أكثر تعقيدا، والتحضير يكون أمرا ضروريا"، وأوضح نيكولاس موزا، مدير التسويق والمبيعات في شركة دي إتش إل، ان المفتاح للشركات للتغلب على هذا الخوف هو العمل في أسواق مختلفة عن ثقافتهم.
مع التحضير والإعداد الجيد، وبيد شريك مُلم بطريقة عمل الأعمال الجزائرية، هكذا بدأت شركة Dulcesol للمواد الغذائية بتسويق منتجاتها في البلاد في عام 2011. وأضاف "اليوم، أصبحت الجزائرثاني أكبر الاسواق الدولية لدينا من حيث الاهمية، والشهر المقبل نأمل بافتتاح أول منصة صناعية لدينا هناك"، هكذا أوضح المسؤول الدولي للشركة، خوسيه فيسنتي كاستل، الذي قيّم هذه المغامرة بأنها إيجابية للغاية.
ومع ذلك، من خلال تجربته، لاحظ كاستيل أيضا بعض المشاكل التي تعاني منها Dulcesol والشركات المقاولات الصغيرة والمتوسطة هي الأخرى للوصول إلى السوق هذا البلد.
أهم مشكلة تواجه الشركات الإسبانية وهي أكثرها تكرارا طوال المداخلة هو القانون 49-51 الذي يمنع رجال الأعمال الأجانب من المشاركة بحصص أغلبية في المشاريع المشتركة في قطاعات تعتبر استراتيجية. بالنسبة لي محمد حنيش هذا القانون يسلط الضوء على نية تعزيز القدرات الوطنية، ولكن أيضا وفي نفس الوقت الاستعانة بالمساعدة الدولية.
البيروقراطية المعقدة المطلوبة لاستيفاء كل الإجراءات الإدارية هي أحد أهم المكابح الكبيرة التي حددها الخبراء للشركات الإسبانية. وقال أن "المعلومات ستساعدنا في هذا الصدد" شدد السفير الذي أراد التعبير عن إرادة الحكومة لإزالة مثل هذه الحواجز.
وأشار خوان لازكانوا، نائب رئيس اتحاد رواد العمل، الذي أشار بدوره لصعوبات اخرى مثل تلك التى واجهت الشركات، خاصة متوسطة الحجم والكبيرة، من خلال مشاركتها في المناقصات العامة. وقال "هناك مصلحة من الأعمال، ولكن هناك أمور يجب حلها مثل بعض الأفضلية القومية التي تظهر في بعض عطاءات معينة"، أضاف لازكانوا.
وفي الوقت نفسه، أراد حنيش التأكيد على القدرة الهائلة لدى شركات الإسبانية لتنفيذ المشاريع التي يجري الترويج لها في الجزائر والمزايا النسبية التي تتمتع بها الشركات الإسبانية على نظيرتها من الشركات الدولية الأخرى. "أعتقد أن على كلا الجانبين بذل جهودا أكبر للوصول إلى اتفاقيات" أضاف السفير.
وعلى الرغم من الصعوبات التي قد تواجه الشركات، هذه الدولة العربية تملك أيضا العديد من عوامل الجذب مثل مركزها المالي القوي. "في خطتها لخفض الديون الخارجية، الجزائر لم تحصل على أي قروض من بنك التنمية الإفريقي منذ 2006" ذكر استير غونزاليس سانز، ممثل المديرية العامة للمؤسسات المالية المتعددة الأطراف. وقد اختارت الجزائر استخدام صناديق الأموال الخاصة لتنفيذ استثماراتها، بما في ذلك اثنين من الخطط الخمسية التي تبلغ قيمتها 263 مليار يورو والتي سيتم تنفيذها من الان حتى العام 2019.
تكثفت العلاقات التجارية لهذه الدولة مع دول أخرى أيضا في السنوات الأخيرة، كما ذكر المدير العام للبيت العربي في مدريد، إدواردو لوبيز بوسكيتس. وأضاف "لقد غير نموها الهيكل الاقتصادي للبلد وهو الأمر الذي من شأنه أن يجعل التقارب مع الشركات من جهات أخرى مكثفة عن زي قبل بكثير".
وأشار لوبيز بوسكيتس أيضا إلى المشاكل الأخرى التي قد تواجه الشركات عادة مثل الحسابات المالية والضرائب (من خلال اتفاقيات الازدواج الضريبي) وصعوبات في إرجاع الأرباح إلى إسبانيا (لأن عملة الدينار ليست قابلة للتحويل). وأضاف "أن هذه المشاكل على الطاولة، وكثيرا ما يتم تناولها، والذي لا يعني أنه ليست هناك لمحات لحلها"،كما نوهه المدير العام للبيت العربي للحوار الجاري والمستمر بين الجزائر وإسبانيا في هذه المجالات.
الإرادة والسعي للاتفاق هي، وفقا لمدير التسويق في شركة دي إتش إل، نقطة لصالح للجزائر. "هناك كثير من المزالق، ولكن في النهاية الرسالة إيجابية"، وقال نيكولاس موزيه، الذي دعا أيضا الشركات لتقييم العديد من الجوانب مثل الاستقرار السائد في البلد العربي في نواح كثيرة.
حسب ما ذكره المسؤول الدولي لـ Dulcesol، خوسيه فيسنتي كاستيل، أن مفتاح الذي مكّن هذه الشركة من التواجد في السوق الجزائري كان الإمكانات الكبيرة التي اكتشفها المسؤولين بعد إجراء زيارات ميدانية على الأرض إلى المدن المهمة مثل العاصمة ووهران. ومن خلال تلك الزيارات، وجدوا، كما فسر كاستيل، استقرارها السياسي والاجتماعي، والديناميكية الاقتصادية الحالية، وأوضح كيف أن هناك بعض أنماط الاستهلاك المماثلة لبلدنا على الرغم من الاختلافات الثقافية.
"لقد ذهبنا إلى هناك مع رؤية طويلة الأمد"، أشار مدير شركة الحلوى. هذه الرؤية تبرز، وفقا للخبراء، في النقاش باعتبارها واحدة من مفاتيح ازدهار الاستثمارات في بلدان أخرى، ولا سيما تلك البلدان التي تمتلك بعض الخصائص المميزة مثل الجزائر. "افتتاح فرع في بلد ينطوي على علاقة مستقرة"، استنتاج محقق حسب ما ذكر نيكولاس موزيه. "عليك أن تأخذ الخطوة الأولى للعمل على مواصلة البناء"، كما ذكر ممثل شركة دي إتش إل.
تأشيرات أكثر مرونة للمديرين
وجود موظفين خاصين بالشركة على الأرض هو بند أساسي في أي عملية تدويل للشركة وكذلك نقل الموظفين المحليين إلى الشركة الأم للتدريب. وعلى الرغم من ذلك، فإن دخول وخروج مهنيين من بلد إلى آخر ليس دائما أمرا بسيطا كما تود الشركات.
"لقد واجهنا صعوبات فيما يتعلق بحركة الناس في كلا الاتجاهين"، قال خوسيه فيسنتي كاستل، المسؤول عن الأعمال التجارية الدولية لشركة Dulcesol خلال المناقشة التي نظمتها CincoDías برعاية دي إتش إل إكسبرس حول الاستثمار في الجزائر.
من جانبه قال السفير الجزائري في إسبانيا، محمد حنيش أن البلاد عاكفة على بعض التحسينات في هذا الصدد. وقال "نحن نعمل على ذلك. لدينا بالفعل اتفاق لتسهيل منح تأشيرات الدخول"، مضيفا أن على مستوى المؤسسة التي يرأسها أصبح من الممكن طلب تأشيرات للسفر إلى الدولة الإفريقية في خلال يوم واحد والحصول على تأشرات تسمح لهم بالدخول والخروج من بلادهم لمدة سنة. وبهذه الطريقة، تهدف السفارة لتسهيل الأعمال التجارية بين الشركات والمؤسسات في كلا البلدين.
وقال الممثل الجزائري أيضا أن المديرين التنفيذيين ورجال الأعمال الإسبان لديهم إمكانية فيما يخص الموظفين المحليين، قال خوسيه فيسنتي كاستيل أن Dulcesol وجدت في الجزائر "مستوى الفني والمهني ممتاز." وأوضح المسؤول عن الأعمال الدولية لإمدادات الشركة أن ذلك المستوى سمح للإدارة الوسطى لأعمالهم في البلاد أن تكون من أصل جزائري.
استعداد كل من إسبانيا والجزائر للتفاهم، وفقا لهذا الفريق من الخبراء، هو أحد أهم عوامل الجذب التي تدعونا إلى الاعتقاد بأنه لا يزال هناك الكثير من الاحتمالات لاتفاق تجاري بين الشركات من كلا المنطقتين.
الصورة التوضيحية: من اليسار إلى اليمين: خوسيه فيسنتي كاستل، المسؤول الدولي لـ Dulcesol. استير غونزاليس سانز، من المديرية العامة للمؤسسات المالية متعددة الأطراف؛ خوان لازكانوا، نائب رئيس اتحاد أرباب العمل. نيكولاس موزيه، مدير التسويق والمبيعات لشركة دي إتش إل، محمد حنيش، السفير الجزائري في إسبانيا، وادواردو لوبيز بوسكيتس، المدير العام للبيت العربي في رئاسة تحرير “خمسة أيام”. صور: بول مونجي.
قراءة المعلومات في “Cinco Días” على الإنترنت وPDF