تقديم مسبق لأهم مطبوعات البيت العربي في الفترة القادمة.
المعارض العالمية والدولية و العالم العربي: الماضي والحاضر
31 يوليو 2014
ESPAñA
يقوم البيت العربي بتحضير منشورين عن المعارض الدولية والعالمية وعلاقتهما بالعالم العربي وذلك في منتصف عام 2015. وسيتم التطرق لهذه المواضيع من خلال عددين من الدراسات التي سيتم نشرها في مجلة أوراق. وسينصب اهتمام إحدى هذه الدراسات على الجانب التاريخي حيث ستحلل تأثير التراث الفني الاسباني الاسلامي على مدار القرن التاسع عشر وتجسيده في المعارض العالمية .
أما العدد الثاني فستكون له وجهة نظر حديثة حيث سيتناول دور البلدان العربية في هذه المعارض العالمية في الفترة الراهنة والدور الريادي الذي ستلعبه منطقة الخليج في العقد القادم، والتي شتشهد أحداثا هامة مثل دبي 2020 وقطر 2022.
وكمقدمة سابقة للمواضيع التي سيتم التطرق إليها في منشوراتنا القادمة نضع بين أيديكم فيما يلي بعض المواضيع التي سيتم تحليلها في أول المطبوعات، والتي ستخصص للانعكاسات الدولية للاسلوب الفني الذي نشأ وتطور في عهد إسبانيا المسلمة ، الاندلس، والذي تم التعريف به في القرن التاسع عشر من خلال المعارض الدولية.
وفي هذا السياق، لابد لنا من الاشارة إلى الدور الاساسي الذي يتجسد في شخصية أوين جونس الذي قام بالديكور الداخلي بالاضافة إلى تركيب وتصميم المعروضات خلال أكبر وأول معرض عالمي في لندن سنة 1851. وفي سنة 1934، سافر هذا المهندس والمصمم البريطاني إلى غرناطة حيث قام بدراسة معمقة لمعلم الحمراء وكل عناصره الزخرفية الجمالية، ليعكس تأثره بذلك في الديكور الذي اختاره لتصميم كريستال بالالس. وهو عبارة عن مبنى شيد من الحديد والكريستال ليحتضن معرض 1851.
وقد تحدثت مريم روسر في محاضرة لها عن هذه العناصر الزخرفية بعنوان " مجمعات قصر الحمراء" التي ألقتها بالبيت العربي يوم 19 مارس 2014.
بعد ثلاث سنوات من افتتاح المعرض العالمي كريستال بالاس ، تم نقله إلى سيدنهام ، في الضواحي الجنوبية بلندن وقد أوكل جونس من جديد مهمة وضع الديكور والتعريف بمحتويات المعرض حتى يظل مفتوحا للجمهور بشكل دائم. حينئذ قام جونس بتصميم مجموعة من الباحات الخاصة بالعرض، مستعملا في كل واحدة منها أسلوبا فنيا مختلفا. حيث خصص ساحة لمصر وأخرى لليونان القديم وأخرى مخصصة لمعلم الحمراء وساحة الاسود. وكانت هذه اول مساحة تخصص لمعلم أثري واحد.
غير أن مبنى كريستال بالاس اختفى سنة 1937 إثر حريق مؤسف ولم يبق غير متحف ألبارت ميوزيوم الذي لايزال يحتفظ ببعض رسومات آون ويشهد على مشروعه العظيم، لأن أون بدون أدنى شك يعتبر شخصية هامة في التعريف والترويج لمعلم الحمراء وللتراث العربي الاسلامي بأوروبا.
إسبانيا، وعيا منها بأهمية وثراء هذا التراث المعماري، قامت بعرض بعض النماذج لمعلم الحمراء، قام بها محافظ القصر النازاري رافائيل كونتريراس، في المعرض العالمي بلندن.
بعد هذا المعرض بسنوات قامت اسبانيا بضم التراث الاندلسي و جعلته جزء من هويتها الوطنية و كشعار لها في العديد من المحافل الدولية. في هذا الاطار، يقول السيد خوان كلاترابا، أستاذ بالمدرسة التقنية العليا للهندسة في غرناطة، في المقال الذي كتبه في كتالوج البيت العربي للمعارض " على سفر، الهندسة المعمارية الاسبانية في العالم العربي" أن الهندسة الشرقية وجدت حقلا مميزا من التطبيق في الأروقة الإسبانية في مختلف المعارض الدولية كالجناح الذي أشرف عليه آغوستين أورتيث دي فياخوس في معرض باريس 1878 وفي جناح إسبانيا في مغرض بروكسل سنة1911 الذي صممه موديستو ثندويا.
إن الولع بالفن الاسباني الاسلامي وصل أيضا إلى أمريكا اللاتينية حيث يظهر تأثير فن المدجنين ابتداء من القرن الخامس عشر مع وصول الاسبان إلى هناك. وقد دام هذا التأثر لعصور متتالية هناك وانعكس في الذوق الجمالي اللاتينوأمريكي وهذا ما نراه في المهندس خوان خوسي إبرولا الذي يستوحي أعماله من الفن المدجن، كما بدا جليا في جناح المكسيك في المعرض العالمي في نويبا أورلنز سنة 1884 والذي استعمل فيما بعد أيضا في المعرض العالمي بسان لويس سنة 1904.
أما مايعرف بالكشك الموريسكي، فهو عبارة عن هيكل حديدي يتكون من أقواس وأعمدة على الطراز المدجن. وقد نقل الهيكل إلى المكسيك في بداية القرن العشرين ولا يزال يحتفظ به في حالة لابأس بها في حي سانتا ماريا لا ريبيرا في مدينة المكسيك.
عن الفن المدجن في أمريكا اللاتينية يمكنك مشاهدة فيديو المحاضرة التي ألقيت في البيت العربي في أبريل 2014 من قبل رافائيل لوبيث غوثمان.
ومن المواضيع الأخرى التي سيتطرق إليها العدد نجد: أهمية المصمم الاسباني ماريانو فورتوني ومدراثا (غرناطة 1871 والبندقية 1949 ) كناشر دولي للفن الاسباني الاسلامي من خلال تصاميمه وشغفه بجمع التراث، سمة ورثها عن والده الرسام المستشرق ماريانو فورتوني مارسال.
هذا الرسام ومصمم المسارح والمعارض قام بتطبيق الكثير من المبادئ التي جاء بها أون جونس، كتلك المتعلقة بفكرة استغلال الاساليب الفنية القديمة واستخدامها في خلق إبداعات معاصرة أصلية مستوحاة من تلك القديمة، فهو يرفض نهائيا فكرة التقليد والمحاكاة .
واستطاع ماريانو فورتيني أن يضم عناصر جمالية من التراث الاسلامي ومن فترات تاريخية أخرى إلى إبداعاته، ونتج عن ذلك تصاميم جديدة، تعتبر دون أدنى شك نقلة هامة في تاريخ الموضة والتصميم في بداية القرن العشرين.
فالملابس الحريرية المطوية، وفساتين دافوس، والعباءات المخملية أو تلك الاقمشة المزركشة تعتبر بالنسبة للمؤرخين والمهتمين بجمع التراث والمتاحف من مختلف أنحاء العالم قطعا فنية ذات نوعية راقية جدا.
يمكنك الاطلاع على المحاضرة التي ألقيت في البيت العربي في مايو 2013 والتي تتحدث عن شخصية مريانو فورتوني ومادراثا.